الحرب العالمية الثانية و اتفاقية باريس .. كيف تشكل عالم اليوم ؟

بالرغم من مرور عشرات السنين على نهايتها و طي سجلاتها إلا أن العالم لم ينس التفاصيل الصادمة التي أنتجتها الحرب العالمية الثانية، تلك الحرب التي عرفت كأكبر نزاع حربي بين البشر في التاريخ.
في الثاني من سبتمبر من عام 1945 وقعت اليابان وثيقة الاستسلام على متن البارجة الأمريكية يو أس أس ميسوري، بخليج طوكيو، طاوية بذلك آخر فصول الحرب التي خلفت أكثر من 60 مليون قتيل و دمارا بمليارات الدولارات.
دول الحلفاء التي انتصرت في الحرب فرضت شروطا قاسية على دول المحور المهزومة، و هي الدول التي كانت قد تحالفت مع ألمانيا النازية خلال الحرب.
الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية كانت الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و الاتحاد السوفيتي و فرنسا و بولندا و يوغسلافيا و ألبانيا و تيشكوسلوفاكيا بالإضافة إلى اليونان.
بالمقابل كانت الدول التي هزمت في الحرب هي ألمانيا و إيطاليا و رومانيا و بلغاريا و فنلندا و المجر، إضافة إلى اليابان.
ألمانيا استبعدت من المحادثات اللاحقة بينما حضر ممثلون عن بقية الدول، أجبرت بلغاريا على العودة إلى حدود العام 1938، و سمح لها مقابل ذلك بالحفاظ على أجزاء من دبروجا التي كانت قد سيطرت عليها في السنة الأولى من الحرب.
كما تم إجبار بلغاريا على دفع تعويضات قدرها 25 مليون دولار ليوغسلافيا، و دفع 45 مليون دولار لليونان.
أما فنلندا فقد تم إجبارها على التنازل من أجزاء من كاريليا و فايبورغ و بيتسامو و سالا لصالح الاتحاد السوفيتي الذي حصل كذلك من فنلندا على 300 مليون دولار.


الحرب العالمية الثانية كلفت المجر كثيرا !
المجر إحدى دول المحور التي سلطت عليها عقوبات الحلفاء حيث عادت إلى الحدود ما قبل 1938، كما و دفعت للسوفييت مبلغ 300 مليون دولار تعويضا لمشاركتها ألمانيا في عملية غزو الاتحاد السوفيتي.
و عقابا لها على مشاركتها في تفكيك تيشكوسلوفاكيا و مشاركتها في غزو يوغسلافيا، تم إجبار المجر على دفع 100 مليون دولار لكل من الدولتين.
رومانيا أجبرت على التخلي عن مناطق بيسرابيا و بوكوفينا لصالح موسكو، كما تخلت عن دبروجا لصالح بلغاريا، إلا أنها استرجعت أجزاء من أراضي ترانسلفانيا مع دفع 300 مليون دولار للاتحاد السوفيتي تعويضا له عن مشاركتها في اجتياح بارباروسا بجانب الألمان.
أما إيطاليا التي كانت أبرز و أقوى حلفاء ألمانيا في الحرب العالمية الثانية فقد فرضت عليها عقوبات قاسية على مائدة رسم ملامح عالم ما بعد الحرب.
لقد أجبرها الحلفاء على التخلي عن مناطق مهمة لفرنسا كلابريغ و جبل مونت ثابور، كما أجبرت على التنازل ليوغسلافيا عن مناطق كبيرة في إستيريا و إسيونسو و دالماسيا، و تنازلت كذلك لألبانيا عن جزيرة سازان و لليونان عن جز إيجه الإيطالية.
كان نصيب إيطاليا من العقوبات كبيرا، فقد تم تجريدها من كافة مستعمراتها بأفريقيا، وأجبرها الحلفاء على دفع تعويضات قدرها 25 مليون دولار لأثيوبيا و 5 ملايين لألبانيا، فيما دفعت 125 مليون دولار ليوغسلافيا، و 100 مليون دولار للاتحاد السوفيتي.
تلك كانت بنود معاهدة باريس التي تم توقيعها في العاشر من فبراير من عام 1947 بين دول الحلفاء و الدول التي ساندت ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، تلك المعاهدة التي رسمت واقعا سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا جديدا مغايرا لما كان قد سبق.

